يكشف تاريخ العراق وكأنه قصة متواصلة تسرد حكاية كل الحضارات، وذلك بفضل تراثه الثقافي الثري وإرثه الحافل بالمؤثرات المتنوعة. ومع موقعه المتميز بين نهري دجلة والفرات في قلب بلاد الرافدين، يستحضر العراق بفخرٍ تاريخاً يمتد لآلاف السنين لا تزال بصمته خالدةً إلى يومنا هذا على كيفية تطور الحضارة الإنسانية. ويمكن القول إن أصل المجتمع العراقي يعود إلى عصر الحضارة السومرية، التي ازدهرت تقريباً في عام 4000 قبل الميلاد. فقد ابتكر السومريون المجتمعات الحضرية المعقدة واخترعوا الكتابة المسمارية وشيدوا صروحاً معمارية ضخمة مثل الزقورات (معابد هرمية مُدرجة شاهقة الارتفاع). ثم جاء من بعدهم الأكديين، الذين كانوا أول من اخترع الخدمة البريدية وأول من بنى الطرق التي تصل بين المدن، ثم البابليين الذين تفوقوا في الرياضيات والفلك والقانون، بينما بزغ نجم الآشوريين بفضل قوتهم العسكرية العظيمة. ساهم أيضاً البابليون والآشوريون في تطوير أساليب الحكم والإدارة. لدينا محطات ومعالم بارزة أخرى كثيرة على مدى تاريخ وحضارة العراق، من بينها مملكة الحضر (أو مملكة عربايا) ومدينة أور القديمة وقلعة أربيل. وربما يتمثل المعلم الأبرز في مدينة بابليون، التي تشتهر بحدائقها المعلقة، إحدى عجائب الدنيا السبع في العالم القديم. في حين لا تزال قوانين الملك البابلي حمورابي (قوانين حمورابي) تشكل شاهداً بارزاً على أولى نظم التشريع التي تعود إلى 1750 قبل الميلاد.
وصل الإسلام إلى العراق في القرن السابع الميلادي، مبشراً بعهدٍ جديدٍ من الابتكارات والإنجازات. فقد أصبحت بغداد مركزاً للمعرفة والتعلُّم ومأوى للباحثين والعلماء والفلاسفة الذي عكفوا على ترجمة وحفظ النصوص القديمة من الحضارات اليونانية والفارسية وغيرها. وقد قدمت شخصيات مثل الخوارزمي، "أبو الجبر"، وابن الهيثم، رائد علم البصريات، إسهامات غير مسبوقة أثرت المعرفة الإنسانية خلال الفترة التي تعتبر الآن العصر الذهبي للعراق.