التاريخ والحضارة

مكتبة آشوربانيبال الملكية

Achref Chibani
المؤلفة: ريناس باباكير


تعتبر "آشوربينبال" اليوم أقدم مكتبة ملكية على قيد الحياة في العالم، وقد زال الكثير منها بسبب عوامل الزمن، لكن بعض آثارها لا تزال قائمة. تعرف/ي على قصّة هذا المعلم التاريخي من خلال هذا المقال.

Great Library

أراد الملك آشوربانيبال، الذي حكم الإمبراطورية الآشورية بين عامي 669-631 قبل الميلاد، والذي كان طَموحاً مثل باقي ملوك الآشوريين، بناء مكتبة تحتوي على كل المعارف في مكان واحد. "مكتبة آشوربانيبال" هو الاسم الذي أطلق على 30 ألف لوح مسماري اكتشفت في مدينة نينوى التي كانت ذات يوم عاصمة الامبراطورية الآشورية. على الرغم من أنه عند سقوط الإمبراطورية الآشورية، تعرضت نينوى للحريق، فقد أصبحت هذه الألواح الطينية أكثر صلابة وحافظت على معرفة حضارات العراق القديمة ليكتشفها علماء الآثار بعد قرون لاحقة. اكتُشفت المكتبة ضمن سلسلة من الحفريات الأثرية في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين، وتُعد واحدة من أهم الاكتشافات الأثرية التي تحتوي على الآلاف من السجلات المسمارية للحضارات القديمة.

سعى والد آشوربانيبال لتعليم الأمير الشاب لمنحه الوصول المباشر إلى المعرفة الضرورية لحكم الإمبراطورية. منح العلم الآشوري الأولوية لفهم الإرادة الإلهية، مما دفع المكتبة إلى التركيز على النصوص التي تفسر التنبؤات من الآلهة. وبخلاف الملوك الآخرين، كان آشوربانيبال يستطيع القراءة والكتابة، وكان يحب التفاخر بقدراته العلمية. فقد أراد أن يمتلك كل المعارف في العالم وسعى إلى جمع نسخة من كل كتاب. ولذا، أسس أول مكتبة منظمة ومفهرسة في العالم. ويُعتقد أن مكتبته احتوت على مئات بل آلاف من الألواح المسمارية، لكن لم يُكتشف منها سوى 30 ألف حتى الآن وتوجد الآن في المتحف البريطاني. تنوعت الألواح ما بين نصوص دينية وطبية ورياضية ولغوية وقانونية وتاريخية وأدبية، بالإضافة إلى الأساطير والملاحم. وقد كان العمل الأدبي الشهير، مَلحَمة جِلجامِش، من بين الألواح الموجودة في المكتبة.

قبل اكتشاف المكتبة، استندت معرفة المؤرخين بالحضارة الآشورية القديمة في المقام الأول إلى روايات الكتاب المقدس أو مؤرخي العصور الكلاسيكية القديمة. وعند اكتشافها، ظهر كنز من آلاف النصوص المسمارية، مما أتاح لنا إلقاء نظرة متعمقة على السرد الآشوري من خلال كتاباتهم الخاصة. ومن خلال هذه النصوص، استطاع المؤرخون معرفة مؤامرات ومكائد البلاط، والاطلاع على تقارير الاستخبارات السرية، والطقوس التفصيلية، والترانيم، والصلوات، والإرشادات الطبية، والسجلات  المستفيضة عن أعمال الملوك.

في حين ظهرت العديد من الألواح من مواقع مختلفة في العراق منذ اكتشاف المكتبة، تظل ألواح آشوربانيبال مصدراً رئيسياً للمعرفة، حيث تُقدم ثروة من الرؤى حول العلوم في العراق القديم خلال تلك الحقبة. تُعرض مجموعة مختارة من الألواح من المكتبة بشكل دائم في المتحف البريطاني ويمكن زيارتها عن بُعد عبر "جوجل ستريت فيو". وعرضت بعض الألواح من المكتبة كجزء من معرض "أنا آشوربانيبال: ملك العالم، ملك الآشور" في المتحف البريطاني.

 

هذا المحتوى مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي  CC BY-NC 4.0.

Apr 26, 2024