التراث والمحافظة عليه

المهن والحرف في الموصل

Achref Chibani
المؤلف: منظمة تراث الموصل

اكتشف التاريخ الغني للصناعات والحرف اليدوية في مدينة الموصل القديمة.
Al baroud khana in Mosul

لمحة تاريخية

كانت مدينة الموصل القديمة مركزاً للمهن والحرف التي واكبت التطور لتلبي الطلب المحلي، وأدت دوراً رئيسياً في التجارة في المنطقة. وبالمثل توسع بازار المدينة ليستوعب نمو المهن والحرف، وأصبح مساحة بالغة الأهمية في الموصل. خُصص لكل مهنة سوق محدد ضمن البازار وسمي تيمناً بمجال العمل، وعليه تضم مدينة الموصل القديمة سوق الصفّارين (للعمل في النحاس)، وسوق الصياغ (للمجوهرات)، وسوق الكوازين (للفخار)، وسوق الحدّادين (للمعادن). وتمثل هذه الأسواق مساحات لعمليتي إنتاج البضائع وبيعها. لكل مهنة هيكلية تنظيمية هرمية يرأسها كبير المهنة، ويليه المعلم، ثم العمال، والمتدربون. وكانت المهارات المرتبطة بكل مهنة متوارثة ضمن العائلات لدرجة ارتبطت معها المحلات بعائلة محددة. ولاحظ المؤرخون المراحل المتقدمة التي حققتها الحرف في الموصل في فترة العصور الوسطى، وخاصة المهن المتعلقة بالنحاس والنسيج. على مر التاريخ كانت الموصل موطناً لما يقارب 15 حرفة، لكن لم ينج منها سوى القليل إلى يومنا هذا. ويعزى ذلك إلى التغيرات التكنولوجية التي أكّدت الأتمتة والمكننة وتوحيد المعايير، على حساب البضائع المصنوعة يدوياً. وكانت النتيجة تفضيل المواد البديلة كالألمنيوم على النحاس. كما أن التغيرات التي شهدها نمط الحياة أدى إلى اندثار بعض السلع التقليدية مثل إنتاج سروج الخيل.

الصفّار (النحاس)

الصفّار هو اسم الحرفي الماهر في العمل بالنحاس. وتعد هذه إحدى المهن الأساسية في الموصل، وتعتمد اعتماداً رئيسياً على النحاس الأصفر في صناعة الأواني. ويعود أصل تسمية الصفّار إلى اللون الأصفر. ارتبطت مهنة الصفّار بالموصل منذ الفترتين الآشورية والبابلية، واكتسبت مكانة مرموقة في القرن الثاني عشر أيام الدولة الزنكية، ثم في القرن التاسع عشر تحت الإمبراطورية العثمانية. ولهذه المهنة سوق خاص في الموصل يدعى سوق الصفّارين. تشتهر الأواني النحاسية المصنوعة في الموصل بالحشوات المميزة من الذهب والفضة، والنقوش، والملأ بقطع ذهبية وفضية في عملية تعرف باسم التكفيت. وتضم هذه النقوش والحشوات رسوماً بشرية ونباتية وحيوانية، بالإضافة إلى النصوص. كانت الأواني النحاسية مصدر فخر لأهل الموصل، حتى أن الملوك كانوا يهدونها بعضهم إلى بعض. وبوصفها مركزاً للمهن، صدّرت الموصل مهارات الصفّارين إلى غيرها من المدن الكبرى في المنطقة بما في ذلك القاهرة ودمشق. وكانت الأواني النحاسية تُنتَج لأغراض الاستهلاك المحلي، والتصدير إلى الهند وأوروبا. ولكن باتت مهنة الصفّار الآن مهددة باستيراد الأواني المصنوعة من الألمنيوم، الأمر الذي قلل من الطلب على المصنوعات النحاسية.

الصيّاغ:

يعمل الصيّاغ بإنتاج المجوهرات الذهبية والفضية في الموصل. في عام 1590 أسس العثمانيون في الموصل سوقاً مخصصاً للمجوهرات الذهبية، أو سوق الصياغ. ومع نهاية الحرب العالمية الثانية كان السوق موطناً لـ 84 محلاً. وكما هو الحال في المهن الأخرى كانت مهارات الصياغ تنتقل ضمن العائلات. وتضم هذه المهارات تحضير السبيكة الذهبية عبر صبها في قوالب، وتشكيل المجوهرات باستخدام أدوات متنوعة. حالياً يستخدم الصياغ في الموصل آلات حديثة في هذه العملية. ومن أشهر العائلات المرتبطة بمهنة صناعة المجوهرات الذهبية في الموصل آل خروفة، والتي تقلد شيخها دوراً مهماً في المجتمع، إذ كان يوكل إليه حل النزاعات وإعطاء تقديرات عادلة لقيمة المجوهرات.

الحداد:

الحداد هو الحرفي الذي يعمل في صناعة الأدوات الزراعية الحديدية مثل السلاسل والفؤوس والمجارف والمعاول. ويقوم بذلك عبر تسخين الحديد في أفران كبيرة، ومن ثم طرقه وتشكيله حسب الطلب. وتضم مهنة الحدادين أيضاً حرفة صناعة السكاكين للاستعمالات المنزلية، بالإضافة إلى إطارات الأبواب والنوافذ.

 

رابط المقال من المصدر (باللغة الإنجليزية) : https://mosul-heritage.com/intangible-handicrafts

هذا المحتوى مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي  CC BY-NC 4.0.

مايو 6, 2024

Other Articles