الثقافة والمجتمع

الأعياد والاحتفالات العامة في الموصل

Achref Chibani
المؤلف: منظمة تراث الموصل (Mosul Heritage) غير الحكومية

تعرّف.ي على التراث الاستثنائي لمدينة الموصل العراقيّة واحتفالاتها الدينيٌة والثقافيّة المتعددة.
Mesaharati

لمحة تاريخية

ارتبطت معظم الأعياد والاحتفالات العامة في الموصل عبر التاريخ بمجموعة دينية معينة. إذ كان لكل من سكان الموصل، المسلمون والمسيحيون واليهود، أعيادهم الدينية المميزة التي كانوا يحتفلون بها عبر ممارسات حضرية تشغل مساحات متنوعة في المدينة القديمة. أما اليوم فتتمثل الغالبية العظمى من سكان الموصل بالمسلمين، وبالتالي ترتبط الأعياد والاحتفالات العامة بالممارسات الإسلامية ارتباطاً كبيراً. ومع هذا تبقى المساحات الدينية التي احتوت الممارسات الدينية المسيحية وتلك اليهودية موجودة في البيئة الحضرية. 

تقوم الأعياد العامة في مساحات مخصصة في المدينة ومحيطها. وتبدأ التحضيرات لهذه المناسبات قبل أسابيع أحياناً، وتتضمن شراء تجهيزات خاصة، كما يتمتع الطعام بأهمية كبيرة بوصفه أحد مكونات هذه الأعياد. تتوافق الاحتفالات الإسلامية مع التقويم الإسلامي، وبالتالي يتغير الفصل المناخي المصاحب لها مع مرور الوقت، وهذا ما يختلف عن الأعياد والاحتفالات الأخرى التي تتوافق مع تغيرات الطقس أو الطقوس العائلية. 

رمضان

كحال العديد من المدن التي يقطنها المسلمون، يمثل شهر رمضان المبارك فترة مميزة في الموصل، ويترافق هذا الشهر مع تغير في نمط الحياة اليومية. وبما أن الناس يصومون يومياً في النهار، تصبح شوارع المدينة أكثر هدوءاً في تلك الفترة، في حين أنها تعود إلى نشاطها مساءاً عندما يخرج الناس ليمضوا الوقت مع بعضهم إما في المنازل أو المقاهي. كما تؤدى في شهر رمضان صلوات خاصة ونشاطات دينية، وبالتالي يصبح المسجد مساحةً ذات أهمية أكبر. يرتبط كسر الصيام، أو الإفطار، أيضاً بأنواع خاصة من الطعام، وعادة ما تجتمع العائلة الموسعة والأصدقاء في هذا الوقت. 

قبل أسابيع قليلة من شهر رمضان يبدأ سكان الموصل بشراء الحلويات الخاصة مثل الزلابيا، والعوامة، والشكرلمة، والبقلاوة، إضافة إلى مشروبات منوعة لكسر الصيام اليومي مثل التمر الهندي، وعصير الزبيب، والعيران. تشهد هذه الفترة اكتظاظاً في الأسواق، وهذا ما يعكس الترقب للشهر الفضيل والتحضير له. كما يمثل التماس الهلال، والذي يحدد بداية شهر رمضان، أحد النشاطات المميزة. وجرت العادة أن يُدل عليه بإطلاق ثلاث طلقات مدفع، إلا أن هذا التقليد توارى الآن في ظل الإعلانات عن بدء شهر رمضان عبر قنوات التلفاز. 

يشكل الإفطار في رمضان وقتاً خاصاً يجتمع فيه السكان ليكسروا صيامهم رفقة العائلة والأصحاب، كما تنتشر في الموصل موائد الإفطار العامة في المدينة. عبر التاريخ كانت ضربات المدفع تعلن عن الإفطار، مثل التماس الهلال، لكن حلت الآن الحسابات المعتمدة على طرائق علم الفلك الحديث محل هذا التقليد. أما الوجبة الثانية من حيث الأهمية في رمضان هي السحور، وهي الوجبة التي تسبق بدء الصيام مباشرة قبل شروق الشمس. في الماضي كان هنالك مجموعة من السكان تدعى مسحراتية مهمتها إيقاظ الناس لتناول السحور. وبعد هذه الوجبة يقصد الرجال المسجد في حيهم لتأدية صلاة الفجر، وهي أول صلاة في اليوم. تؤدي الجوامع دوراً رئيسياً في فترة المساء بعد الإفطار، حيث تقام صلاة التراويح اليومية.

عيد الأضحى وعيد الفطر

اثنان من أهم الأعياد الإسلامية في الموصل هما عيد الفطر وعيد الأضحى، اللذان يمتدان لفترة ثلاثة أيام وأربعة أيام على التوالي. يمثل عيد الفطر احتفالاً بنهاية شهر رمضان المبارك، في حين أن عيد الأضحى هو إحياء لذكرى قبول النبي إبراهيم التضحية بابنه إسماعيل، وفي هذا الوقت يزور العديد من المسلمين مدينة مكة المكرمة لأداء فريضة الحج. 

تسبق كلتا المناسبتين فترة تحضير تمتد لعدة أيام، ويتخللها شراء ملابس جديدة وأطعمة خاصة مثل الحلويات والمكسرات. كما يبدأ اليوم الأول من العيدين بصلاة صباحية خاصة، وهي تبريكات العيد التي تقام في الجامع، وتمثل فرصة للمصلين ليتبادلوا التهاني ويتمنوا لبعضهم عيداً مباركاً. في أول أيام العيد يزور الناس المقابر ويصلون على أرواح أقاربهم وأحبائهم المتوفين، كما تتبادل العائلات الزيارات في هذه المناسبة. وللأطفال مكان محوري في نشاطات العيد، إذ يحظون بملابس جديدة، ويقصدون ساحات اللعب، ويحصلون على النقود، التي تسمى العيدية، من أهلهم وأقاربهم. يتميز عيد الأضحى عن عيد الفطر بنشاط الأضحية، وهي الذبيحة الحيوانية. في الموصل يمكن أن يكون هذا الحيوان من الأغنام أو الأبقار أو الإبل، ويوزع لحم الأضحية على الفقراء في المدينة. 

المولد النبوي

المولد النبوي هو إحياء ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم ضمن مجتمع المسلمين في الموصل. ويقع هذا العيد في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول، وهو الشهر الثالث  في التقويم القمري الإسلامي. و تتضمن النشاطات الاحتفالية في هذا اليوم تزيين الأحياء والأسواق، وتقديم الحلويات في الشوارع والأزقة، وإنشاد الأناشيد التي تمجد فضائل النبي محمد، وإلقاء الخطب الدينية في الجوامع، وتقديم الحسنات للفئات الاجتماعية المحتاجة في المدينة.

عيد الميلاد وعيد الفصح

تساهم الأعياد المسيحية في رسم الصورة الكاملة عن تراث الموصل غير المادي، وتشهد الموصل سبعة أعياد دينية يمارسها المسيحيون هي عيد الميلاد، وعيد الباعوثة، وعيد الدنح، والصوم الكبير (الصوم الطويل)، وعيد السعانين، وعيد الفصح، وعيد سولاقا. يقترن كل من تلك الأعياد بتذكار أو واجب ديني معين، وفضلاً عن النشاطات المرتبطة بها، تتضمن هذه المناسبات زيارة الكنائس، وارتداء أزياء احتفالية، وتبادل التهاني.

 

رابط المقال من المصدر(باللغة الإنجليزيّة): https://mosul-heritage.com/intangible-festivals

 

هذا المحتوى مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي  CC BY-NC 4.0.

Apr 25, 2024