المواطنة والمسؤولية المدنية

تمكين المواطنين: ورشة العمل الافتتاحية الأولى للتربية المدنية في مدينة النجف

Fatimah Oleiwi
المؤلف: فاطمة عليوي

في يومي 29 و30 أيلول (سبتمبر) 2023، شهدت مدينة النجف حدث فارق في مجال التربية المدنية حيث بدأت ورشة العمل الأولى للتربية المدنية. كان الهدف من ورشة العمل هذه هو تزويد المشاركين بالمعرفة والمهارات والسلوكيات الأساسية للمواطنة النشطة. ومن خلال الجلسات التفاعلية والتمارين الجماعية والمناقشات، انطلق المشاركون في رحلة لاكتشاف الذات والوعي المدني.
Najaf Workshop 5

نبذة حول ورشة العمل:

شهدت مدينة النجف في يومي 29 و30 سبتمبر/أيلول 2023 علامة فارقة في مجال التربية المدنية؛ حيث عُقدت ورشة العمل الأولى للتربية المدنية. كان الهدف من هذه الورشة تزويد المشاركين بالمعرفة والمهارات والسلوكيات الأساسية للمواطنة النشطة. وقد انطلق المشاركون في رحلة لاكتشاف الذات والوعي المدني من خلال الجلسات التفاعلية والتمارين الجماعية والمناقشات. تهدف ورشة عمل التثقيف المدني التي نظمتها منظمة "البرلمان" (elbarlament)؛ وهي منظمة تدعم بناء السلام والديمقراطية، مدعومة من وزارة الخارجية الألمانية الاتحادية، وتهدف إلى معالجة الحاجة المتزايدة للتربية المدنية في العراق، وكانت ورشة العمل تلك في مدينة النجف هي الخطوة الأولى في هذا المشروع. وبهدف تعزيز الوعي المدني والمشاركة، سعت ورشة العمل إلى تزويد الأفراد بالأدوات اللازمة ليصبحوا مواطنين مطلعين ومسؤولين.

 

تعزيز المشاركة المدنية والتبادل الثقافي

بدأت ورشة العمل بتقديم المشاركون لأنفسهم بطريقة فريدة؛ حيث طُلب من كل شخص الحديث عن جانب ثقافي أو تراثي يرتبط ارتباطًا وثيقًا به أو بخلفيته. وقد استطاع هذا النشاط الافتتاحي التعارفي أن يكشف على الفور التنوع الغني للمجموعة، وحدد مسار التبادل الثقافي والتفاهم.

وقبل الدخول في الموضوعات الأساسية، ساهم المشاركون بنشاط في وضع القواعد الأساسية لورشة العمل، حيث شددت هذه القواعد التي اقترحها المشاركون أنفسهم على أهمية احترام الوقت، واحترام بعضهم البعض، وضمان المشاركة الفعالة. وقد عزز هذا المنهج التعاوني الشعور بالتقدير بين المشاركين، وأن هذه الورشة لهم وبهم.

خلال الجلسة التمهيدية، بيّن المشاركون دوافعهم لحضور ورشة عمل حول التربية المدنية؛ تراوحت الأسباب بين الاسم الجذاب لورشة العمل، والرغبة في توسيع شبكاتهم الاجتماعية، والمشاركة في الأنشطة المدنية، واكتساب المعرفة، وتطوير مهارات قيّمة. وقد عكست هذه الدوافع طموحًا مشتركًا نحو النمو الشخصي والمشاركة المدنية.

تحدثت سارة – وهي شابة نشطة شاركت في ورشة عمل التربية المدنية في مدينة النجف – عن أفكارها حول تجربتها:

 

"عندما سمعت لأول مرة عن ورشة عمل للتربية المدنية، أثار اسمها على الفور اهتمامًا كبيرًا لدي؛ وشعرتُ أنها فرصة لاستكشاف شيء جديد وهادف. ولم أكن أعلم أن ورشة العمل هذه ستكون تجربة تحوّلية بالنسبة لي".

"كان لدي العديد من الدوافع لحضور ورشة العمل؛ فقد كنت أرغب في توسيع معرفتي بالسياسة والمشاركة المدنية، لكنني رأيت فيها أيضًا فرصة لتوسيع شبكتي الاجتماعية، والالتقاء بأفراد ذوي تفكير مماثل. وكان للمناقشات حول القيم المدنية، مثل المساواة والتنوع والسلام، صدى عميق في ذهني. إن الاستماع إلى وجهات نظر الآخرين ومشاركة أفكاري حول هذه القيم كان أمرًا مدهشًا".

اليوم الأول: تعزيز القيم المدنية والتوعية بالمواطنة

شهد اليوم الأول من ورشة العمل سلسلة من الأنشطة المصممة لتعزيز الترابط بين المجموعة وفهم القيم المدنية. قُسّم المشاركون إلى ثلاث مجموعات، كُلفت كل منها بعمل تمثيل مرئي لنصب تذكاري تراثي. لم يشجع هذا التمرين العمل الجماعي فحسب، بل سلط الضوء أيضًا على أهمية الحفاظ على التراث الثقافي.

بعد هذا النشاط الجماعي، شرع المشاركون في تمرين فردي ركز على القيم المدنية. بدأ المدرب مناقشات حول القيم، مؤكدًا على أهميتها في الحياة المدنية. وطاف النقاش لاستكشاف العديد من القيم المدنية مثل السلام والتعددية والمساواة والعدالة والإنسانية والتنمية. وتبادل المشاركون وجهات نظرهم بفعالية ووعي، وناقشوا المساواة بين الجنسين، والحصول على الفرص باعتبارهما جوانب حاسمة للقيم المدنية. تطرقت المحادثة أيضًا إلى كيف يمكن أن يؤدي التمييز إلى التطرف والعنف، وهو ما يؤكد أهمية القيم المدنية في المجتمع.

واختُتم اليوم بجلسات حول المواطنة وحقوق الإنسان والحقوق السياسية والواجبات والمسؤوليات المدنية. وقد توصل المشاركون في النهاية إلى فهم أعمق لأدوارهم كمواطنين والقيم التي يقوم عليها مجتمع عادل يتسم بالشمولية.

اليوم الثاني: تعزيز المعرفة المدنية والتربية الإعلامية

بدأ اليوم الثاني من الورشة بتلخيص دروس ومناقشات اليوم السابق، وواصل المشاركون استكشافهم للقيم المدنية، التي تنعكس أهميتها في تشكيل المواطنة المسؤولة.

تضمن جدول أعمال اليوم الثاني مناقشات حول الجوانب الأساسية للتربية المدنية؛ مثل معايير الانتخابات، وأهمية المعلومات الدقيقة، وفهم الأحزاب السياسية والمرشحين، والخطط الاقتصادية، وشفافية الصناديق السياسية. وقد اكتسب المشاركون رؤى حول الدور الحيوي الذي تضطلع به هذه المرتكزات في اتخاذ قرارات مستنيرة كمواطنين فاعلين.

تناولت المناقشات أيضًا موضوعات مثل المشاركة السياسية والاقتصاد العراقي والحكم الرشيد والتماسك الاجتماعي وبناء السلام. وقد أتاحت المناقشات الجماعية للمشاركين تبادل الأفكار ووجهات النظر، وتعزيز الشعور بالمسؤولية الجماعية تجاه رفاهية مجتمعهم.

تضمن أحد العناصر الأساسية لورشة العمل تناول دور وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي في إدامة خطاب الكراهية، وإمكانية استخدام هذه المنصات باعتبارها أدواتٍ لبناء السلام. تعلم المشاركون كيف يمكن أن يساهم التثقيف الإعلامي والاستخدام المسؤول لوسائل التواصل الاجتماعي في بناء مجتمع أكثر استنارة وسلامًا.

شكلت ورشة التربية المدنية في مدينة النجف بداية واعدة في الرحلة نحو المواطنة المستنيرة والمشاركة. وعلى مدى يومين، اكتسب المشاركون رؤى قيمة حول القيم والحقوق والمسؤوليات المدنية. وخرجوا من الورشة بالتزام متجدد بإحداث تأثير إيجابي على مجتمعهم وفهم أعمق لأهمية التربية المدنية في تنشئة مواطنين فاعلين ومسؤولين. كما وضعت ورشة العمل الافتتاحية تلك أساسًا قويًا للمبادرات المستقبلية التي تهدف إلى تعزيز الديمقراطية والمشاركة المدنية في مدينة النجف والمدن العراقية الأخرى.

كيف ترى دور التربية المدنية في بناء مواطنين مطلعين ومشاركين؟ وكيف يمكنك المساهمة في تعزيز الديمقراطية في مجتمعك؟ لا تتردد في مشاركة أفكارك معنا في التعليقات.

هذا المحتوى مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي  CC BY-NC 4.0.

فبراير 15, 2024