ثورة 14 رمضان، انقلاب داخل انقلاب وعهد عارف (١٩٦٣ - ١٩٦٨)
كانت ثورة 14 رمضان انقلابًا عسكريًا (الانقلاب هو الإطاحة بالحكومة بشكل غير شرعي، وغالبا باستخدام العنف أو التهديد باستخدامه) قاده حزب البعث العربي الاشتراكي العراقي والجماعات القومية العربية المتعاطفة مع القوات المسلحة العراقية من 8 فبراير إلى 10 فبراير 1963. بناءً على أمر من المجلس الوطني لقيادة الثورة الذي تم تشكيله حديثًا، تم إعدام رئيس الوزراء العراقي عبد الكريم قاسم في 9 فبراير 1963. وقد وُصف حكم حزب البعث الذي استمر تسعة أشهر بعد ذلك بأنه "عهد إرهاب" مع اعتقال وإعدام الآلاف من الموالين لقاسم والشيوعيين الذين سُفر بعضهم في ما عرف ب"قطار الموت إلى السماوة" ، تم خلالها اعتقال أكثر من 500 شخص ، من النخبة الأكاديمية في البلاد، من السجن رقم 1 ونقلهم عبر عربات شحن بدون أي تهوية وإرسالهم إلى سجن السماوة. كان الأمر الذي أصدره سائق القطار هو القيادة ببطء لأن المعتقلين محكوم عليهم بالاختناق. وبعد أن أُبلغ السائق عبد عباس المفرجي بالشحنة البشرية، سارع بالقطار، وأنقذ حياة أكثر من 500 شخص، وسيُنظر إليه باعتباره بطلاً من قبل الشعب العراقي.
انتهى الحكم الأول لحزب البعث في نوفمبر 1963 بـ "انقلاب داخل انقلاب" بقيادة الرئيس عبد السلام عارف. في 18 نوفمبر 1963، أعلن عارف أن الجيش استولى على السلطة. ومع عارف، وصل القوميون العرب (الناصريون) أخيرًا إلى السلطة. في 3 مايو 1964، صدر دستور مؤقت أكد على الطابع العربي لـ "الشعب العراقي" وأكد على هدف الوحدة العربية. وقد أعقب ذلك اتفاق أولي بشأن توحيد العراق ومصر في المستقبل، وهو المشروع الذي لم يتم تنفيذه قط لأن البلدين سرعان ما أدركا أن تطبيق النموذج المصري على العراق بشكل منفرد لن ينجح.
وعلى غرار النموذج المصري، أعلن الاتحاد الاشتراكي العربي العراقي الحزب القانوني الوحيد في العراق، والذي تأسس في 14 يوليو/تموز 1964. وقام عارف بتأميم البنوك وشركات التأمين وثلاثين شركة صناعية رائدة. وأصبح الضباط مديرين عامين، وكانوا غارقين تماماً في إدارة الشركات، الأمر الذي أدى إلى تفشّي الفساد والإسراف والمضاربة والإثراء غير المشروع. وأدى هذا بدوره إلى انهيار الاقتصاد وزيادة البطالة. وفي محاولة لحل المشاكل الاقتصادية، عرض عارف على شركة النفط العراقية (IPC) المشاركة في شركة النفط الوطنية العراقية (INOC) مقابل 20 مليون جنيه إسترليني. كما أخفقت جهود حكومته في تحقيق السلام مع الأكراد، مما أسفر عن تصاعد حدّة النزاع العسكري بين الحكومة المركزيّة والأكراد حتى عام 1970.
توفي سلام عارف في حادث تحطم طائرة في 13 أبريل 1966 وحل محله شقيقه عبد الرحمن عارف. في هذه المرحلة، بدأ المكتب العسكري البعثي والقيادة الإقليمية في وضع الخطط لتنصيب نظام بعثي مرة أخرى. ووجدوا حلفاء في ثلاثة ضباط رئيسيين في الحرس الجمهوري وفي 17 يوليو 1968 أطيح بعبد الرحمن عارف في انقلاب غير دموي ونفي إلى تركيا. تم تشكيل نظام جديد عُيّن بمقتضاه حسن البكر رئيسا. تم الندم على تجاوزات عام 1963 ومنح فرصة أخيرة للتفاوض مع الأكراد. تم سجن الموالين لعهد عارف أو الحكم عليهم بالإعدام. بدأ حكم حزب البعث الذي دام 35 عامًا.
هذا المحتوى مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي CC BY-NC 4.0.