" جنائن معلقة " يخطف الأضواء - السينما العراقية لا تموت
حقّق فيلم "جنائن معلقة"، الذي أطلق في 2022، نجاحًا كبيرًا وأحرز على جوائز مرموقة، ليسلط الضوء على عراقة السينما العراقية رغم التحديات التي واجهتها على مر السنين.
و منذ إطلاقه سنة 2022، نجح الفيلم الدرامي العراقي " جنائن معلقة " في الحصول على إشادة النقاد و الإحراز على جوائز عدة في مهرجانات مرموقة.
ويتناول الفيلم، وهو مستوحى من قصة حقيقية حدثت سنة 2006، قصّة الأخوين أسعد وطه اللذّين يكسبان لقمة العيش من خلال جمع المعادن والبلاستيك من مكبّ النفايات الأسطوري الشهير باسم جنائن بابل المعلقة. وهناك، يعثر أسعد على دمية مطاطية مهملة ويقرّر امتلاكها، وإحضارها إلى المنزل، و تصبح سببا لاختبار علاقة الأخوين.
وعُرض الفيلم، الذي شارك في تأليفه وإخراجه أحمد ياسين الدراجي، لأول مرة في الدورة الـ79 لمهرجان البندقية السينمائي، وكان أول فيلم عراقي يُختار في هذا المهرجان . ونجح "جنائن معلقة "في الحصول على جائزة أفضل فيلم في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي لعام 2022. كما حصد الفيلم أهم جوائز الدورة الـ13 لمهرجان "مالمو" للسينما العربية بالسويد، حيث حاز ثلاث منها، وهي جائزة أحسن فيلم وسيناريو، وجائزة أحسن ممثل للفنان الشاب حسين محمد جليل.
وفي سبتمبر/أيلول 2023، أعلنت دائرة السينما والمسرح بوزارة الثقافة العراقية ترشيح الفيلم العراقي "جنائن معلقة" للمنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم عالمي في الدورة السادسة والتسعين للجائزة الأشهر سينمائيا.
و قبل 115 عاما، وتحديدا في 26 تموز/ يوليو 1909، أقيم أول عرض فيلم سينمائي "سينماتوغراف" في العراق. و منذ ذلك التاريخ، ظلّ القطاع الخاص يستورد الأفلام ويوزّعها لحوالي ثلاثة عقود قبل أن تنطلق مرحلة الإنتاج.
و انتعشت صناعة السينما في الأربعينيات بفضل اموال مستثمرين فرنسيين وبريطانيين. كما أنتجت شركة الرشيد العراقية المصرية خلال عام 1946 أول فيلم عراقي بعنوان “ابن الشرق” للمخرج المصري نيازي مصطفي، وفي العام نفسه تعاونت شركتا “اتحاد الفنانين المصريين” و”السينما الحمراء” من أجل إنتاج فيلم ثاني وهو “القاهرة بغداد”.
لكن في النصف الثاني من الخمسينات، تراجعت الصناعة بسبب تراكم خسائر عدد من المنتجين وعزوفهم عن تمويل انتاجات جديدة خصوصا مع وصول البعثيين الى السلطة في العراق عام 1958.
وفي عام 1959، أنشأت اول مؤسسة حكومية للسينما هي مصلحة السينما والمسرح لكنها لم تباشر الانتاج إلا في النصف الثاني من الستينات . كما صدر قانون بإنشاء المؤسسة العامة للسينما والمسرح سنة 1975. و ركزت هذه الأخيرة فور تأسيسها على إنتاج أفلام وثائقية ، شارك عدد منها في مهرجانات سينمائية دولية.
و مع نهاية الحرب العراقية الايرانية (1980-1988)، استثمر نظام الرئيس الراحل صدام حسين اموالا طائلة لدعم صناعة السينما العراقية التي اجتذبت عددا من المخرجين العرب لإنتاج أفلام تمجد حكم صدام وتاريخ العراق مثل “القادسية” للمخرج المصري صلاح ابو سيف الذي يصور انتصار العرب على الفرس عام 636 وفيلم “المسألة الكبرى” للمخرج العراقي شكري جميل عن ثورة العراقيين على الاحتلال البريطاني عام 1920.
و أدّى الحصار الذي فرضته الامم المتحدة على العراق في أعقاب غزو الكويت عام 1990 إلى صعوبة الحصول على الافلام الخام وهوما أصاب صناعة السينما بالشلل. وشهدت فترة عقوبات الامم المتحدة إنتاج فيلم روائي واحد هو “الملك غازي” عام 1994.
و قبل الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003، كانت العائلات العراقية ترتاد دور السينما التي تجاوز عددها الستين 60 دارا للعرض السنيمائي في بغداد وحدها. أما الآن، فتقول دائرة السينما والمسرح بوزارة الثقافة العراقية ان عدد دور العرض التي ما زالت تعمل في العاصمة العراقية لا يتجاوز الخمسة أغلبها يواجه شبح الإغلاق.
وقدّمت السينما العراقية فى عام 2022 أكثر من 17 فيلما منها 13 فيلما روائيا، وأربعة أفلام وثائقية.
هذا المحتوى مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي CC BY-NC 4.0.